صفة صلاة الخوف إذا اشتد القتال

إذا كان الخوف شديداً، ولم يمكن للإمام أن يصف المسلمين ويصلي بهم جماعة ، وهذا يكون عند تلاحم الصفين، ونشوب القتال .

ففي هذه الحال يصلي كل مسلم بمفرده، وهو يقاتل، ماشيا على قدميه، أو راكباً، مستقبل القبلة أو غير مستقبلها، وينحني عند الركوع والسجود، ويجعل السجود أخفض من الركوع .

قال الله تعالى:(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً ) [البقرة:239]

قال السعدي:} رِجَالاً{ أي:على أرجلكم، }أَوْ رُكْبَاناً{ على الخيل والإبل وسائر المركوبات، وفي هذه الحال لا يلزمه الاستقبال (يعني:استقبال القبلة)، فهذه صلاة المعذور بالخوف".

روى البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُصَلُّوا قِيَامًا وَرُكْبَانًا. “

قال الحافظ :

"  وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَيْ: إِنْ كَانَ اَلْعَدُوّ،وَالْمَعْنَى أَنَّ اَلْخَوْفَ إِذَا اِشْتَدَّ وَالْعَدْوّ إِذَا كَثُرَ فَخِيفَ مِنْ اَلانْقِسَامِ لِذَلِكَ جَازَتْ اَلصَّلاةُ حِينَئِذٍ بِحَسَبَ اَلإِمْكَان، وَجَازَ تَرْكُ مُرَاعَاة مَا لا يُقْدَرُ عَلَيْهِ مِنْ اَلأَرْكَانِ،فَيَنْتَقِلُ عَنْ اَلْقِيَامِ إِلَى اَلرُّكُوعِ, وَعَنْ اَلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إِلَى اَلإِيمَاءِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَبِهَذَا قَالَ اَلْجُمْهُور.”

وروى اَلطَّبَرِيّ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ: إِذَا اِخْتَلَطُوا- يَعْنِي فِي اَلْقِتَالِ- فَإِنَّمَا هُوَ اَلذِّكْرُ وَإِشَارَة اَلرَّأْسِ”.

وروى البخاري عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا...ذكر صفة صلاة الخوف، ثم قال :فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا. قَالَ نَافِعٌ: لا أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قال الحافظ :

" وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ " فَإِنْ كَانَ خَوْف أَشَدّ مِنْ ذَلِكَ " هَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَى اِبْن عُمَر، وَالرَّاجِح رَفْعه".

وقال في المنتقى شرح الموطأ :

"  فَإِنْ كَانَ خَوْفًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ يَعْنِي:خَوْفًا لا يُمْكِنُ مَعَهُ الْمُقَامُ فِي مَوْضِعٍ، وَلا إقَامَةَ صَفٍّ، صَلَّوْا رِجَالا؛ قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَوْفَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: ضَرْبٌ يُمْكِنُ فِيهِ الاسْتِقْرَارُ وَإِقَامَةُ الصَّفِّ لَكِنْ يَخَافُ مِنْ ظُهُورِ الْعَدُوِّ بِالاشْتِغَالِ بِالصَّلاة..

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ الْخَوْفِ: فَهَذَا أَنْ لا يُمْكِنَ مَعَهُ اسْتِقْرَارٌ، وَلا إقَامَةُ صَفٍّ، مِثْلُ الْمُنْهَزِمِ (الهارب من العدو) الْمَطْلُوبِ فَهَذَا يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَهُ، رَاجِلا أَوْ رَاكِبًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: }فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا{".

 

 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.