صلاة الاستسقاء وأحكامها

 الاستسقاء لغة: طلبُ السقيا.

وشرعاً:طلب السقيا من الله –تعالى- عند حصول الجذب بالثناء عليه والفزع إليه بالاستغفار والصلاة.

وسبب الجذب والقحط ارتكاب المخالفات، كما أن الطاعة سبب البركات، قال –تعالى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الأعراف:96]، وقال –تعالى-: { وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا }[الجن: 16].

فمما تقدم تعلم أن الجذب وقلة الأمطار وعدم نزول الغيث الذي به حياة كل شيء كارثة من الكوارث، ومن عظمى المصائب، وسببه التجرؤ على الله –تعالى- بارتكاب المخالفات، فلا يكشفها إلا العالِم بأحوال عباده الرحيمُ بهم. ولهذا وجب اللجوء إليه، والوقوف بين يديه، والتضرعُ والتذلُّلُ له، وطلب الغوثِ منه، ليكشف عنهم ما حلّ بهم.
فالإكثار من الاستغفار والتوبة سببٌ لنزول المطر، والزيادة من القوة؛ قال –تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا  (*) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا(*) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح:10-12]، أي: إذا تُبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموهُ كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وأدرّ لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنبن وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار، وتتخللها الأنهار الجارية.

روى البخاري عن عبدالله بن زيد قال: "خرج رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى المصلى فاستسقى، واستقبل القِبلة، وقلب رداءَه وصلى ركعتين".

قال النووي: "أجمع العلماء على أن الاستسقاء سنة".وقال:"فيه استحباب الخروج للاستسقاء إلى الصحراء، لأنه أبلغ في الافتقار والتواضع، ولأنها أوسع على الناس".
وعن عائشة –رضي الله عنها- قالت: شكا الناس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قُحوط المطر، فأمر بمنبر فوُضِع له في المصلى، ووعد الناس يوما يخرجون فيه، قالت عائشة : فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين بدا حاجِبُ الشمس، فقعد على المنبر" فكبر، وحمد الله -عز وجل-، ثم قال: "إنكم شكوتُم جَدبَ ديارِكم، واستئخارَ المطر عن إبَّانِ زمانه عنكم، وقد أمرَكُم الله –عز وجل- أن تدعُوه، ووعدكَم أن يستجيب لكم"، ثم قال: { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (*) الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (*) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِلا إله إلا الله،يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أَنْزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين"، ثم رفع يديه , فلم يزل في الرفع , حتى بدا بياض إِبْطيه. ثم حَوَّلَ إلى الناس ظهره، وقلب –أو حَوَّل- رداءَه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونَزَل، فصلى ركعتين، فأنشأ اللهُ سحابة فَرَعَدَتْ وبَرَقَتْ، ثم أَمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سُرعتهم، إلى الكِنِّ [أي: ما يسترهم من المطر]، ضحك –صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه،فقال:"أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبدُ الله، ورسوله".

وصلاة الاستسقاء يُجهر بها،والخطبة فيها واحدة،وهي ركعتان كصلاة العيد،وتعيين سورة فيها لم يصح، والجمهور على أن تحويل الرداء يكون للناس –أيضاً- كما هو للإمام، ويكون في أثناء الخُطبة عند استقبال القِبلة وإرادة الدعاء،والسُّنة في التحويل جعلُ ما على الأيمن على الأيسر وعكسه، وليس لها وقت معين يُخرج فيه، ولكنها لا تُفعل في أوقات النهي.

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.