أحكام الصفوف في الصلاة

الأصل أن تكون صفوف الصلاة تامة، ومتراصة، ومتقاربة، فلا يُبدأ بالصف الثاني مع وجود نقص في الصف الأول ، وهكذا في الثاني بالنسبة للثالث ، ويجب التراص في الصفوف ، وهكذا هي صفوف الملائكة عند ربها .
فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :
( أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا . فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا ؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ ) . رواه مسلم (430(
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ ) . رواه أبو داود (671) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال الشيخ عبد العظيم آبادي رحمه الله :
"دل الحديث على جعل النقصان في الصف الأخير" انتهى ."عون المعبود" ( 2 / 260(
قال النووي رحمه الله :
وفيه الأمر بإتمام الصفوف الأول ، والتراص في الصفوف ، ومعنى إتمام الصفوف الأول : أن يتم الأول ، ولا يشرع في الثاني حتى يتم الأول ، ولا في الثالث حتى يتم الثاني ، ولا في الرابع حتى يتم الثالث ، وهكذا إلى آخرها . شرح مسلم " ( 4 / 115(
وقال الصنعاني رحمه الله بعد أن ذكر الأحاديث الدالة على وجوب تسوية الصفوف :
وهذه الأحاديث والوعيد الذي فيها دالة على وجوب ذلك ، وهو مما تساهل فيه الناس ، كما تساهلوا فيما يفيده حديث أنس عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ( أتموا الصف المقدم ، ثم الذي يليه ، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر ) أخرجه أبو داود ، فإنك ترى الناس في المسجد يقومون للجماعة وهم لا يملؤون الصف الأول لو قاموا فيه , فإذا أُقيمت الصلاة : يتفرقون صفوفًا على اثنين ، وعلى ثلاثة ، ونحوه . سبل السلام " ( 2 / 29(
ومن صلَّى خلف الصف وحده مع وجود فرجة في الصف الذي أمامه : فإن صلاته باطلة ، لذا فليكن هذا في البال عند من يريد ترك فرجة في الصف المتقدم عنه .
بعض الناس قد يجعل فرجة في الصفوف الأولى ليمكِّن المتأخرين من الصلاة فيها ظانين أنه لا يجوز لأولئك المتأخرين المشي بين الصفوف ، والمرور أمامهم ، ومن المعلوم أن سترة الإمام سترة لمن خلفه ، فلا يؤثر على المصلين المؤتمين مرور أحد أمامهم في الجماعة ، حتى لو كان مما تبطل الصلاة بمروره .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
هل المرور بين صفوف المصلين يقطع الصلاة أو ينقص من أجر المصلي ؟ .
فأجاب:
لا يضر ، إذا مر بين يدي الصفوف ؛ لأن سترة الإمام سترة لهم ، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم عبدَ الله بن عباس رضي الله عنهما حين مرَّ بين يدي بعض الصف ، وهم يصلون في مِنى .
"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" ( 13 / جواب السؤال رقم 421).

وإذا كان مرور المتأخر سيؤدي إلى التشويش على المصلين وإشغالهم وتحريكهم ، فالذي يظهر أنه لا بأس بجعل طريق خاص ضيق بجانب الصفوف يمتد إلى آخر المسجد ، يمر فيه من يأتي متأخراً حتى يقف في الصف الأخير ، فهو أفضل من ترك فرجة في الصف نفسه ، فيُجمع بذلك بين تسوية الصفوف ، وإتمامها ، وحتى لا يحدث المتأخر تشويشاً على المصلين وإشغالاً لهم إذا حاول المرور من بينهم . 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.