حكم تخصيص رجب بالصيام

 من الأمور المبتدعة في شهر رجب: تخصيصه بالصيام، والمخصصين له استندوا إلى أحاديث بعضها ضعيف، وكثير منها موضوع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «أما تخصيص رجب وشعبان جميعًا بالصوم، أو الاعتكاف، فلم يرد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء ولا عن أصحابه، ولا أئمة المسلمين، بل قد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان، ولم يكن يصوم من السنة أكثر مما يصوم من شعبان، من أجل شهر رمضان».
وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات، وأكثر ما روي في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل رجب يقول: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان».
وقد روى ابن ماجه في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى عن صيام رجب»، وفي إسناده نظر. لكن صح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضرب أيدي الناس ليضعوا أيديهم في الطعام في رجب، ويقول: لا تشبهوه برمضان.
ودخل أبو بكر رضي الله عنه فرأى أهله قد اشتروا كيزانا للماء واستعدوا للصوم فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجب. فقال: أتريدون أن تشبهوه برمضان؟ وكسر تلك الكيزان. فمتى أفطر بعضًا لم يكره صوم البعض. وفي المسند وغيره حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه أمر بصوم الأشهر الحرم». وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، فهذا في صوم الربعة جميعًا، لا من تخصص رجب».
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن تعظيم شهر رجب من الأمور المحدثة التي ينبغي اجتنابها، وأن اتخاذ شهر رجب موسمًا بحيث يفرد بالصوم مكروه عن الإمام أحمد رحمه الله وغيره».
وقال ابن قيم الجوزية في هديه صلى الله عليه وسلم في صيام التطوع: «لم يصم الثلاثة الأشهر سردًا ـ رجب وشعبان ورمضان ـ كما يفعله بعض الناس، ولا صام رجبًا قط، ولا استحب صيامه، بل روي عنه النهي عن صيامه ذكره ابن ماجه.
وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان ينهى عن صيام رجب كله لئلا يتخذ عيدًا. وصح عنه أيضًا قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان.
مما تقدم يتبين لنا أن شهر رجب لا يخصص بصيام دون غيره من الأشهر، فلم يأمر به صلى الله عليه وسلم ولم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا التابعون، ولا السلف الصالح، وكل ما ورد في صيامه من النصوص اتفق جمهور العلماء على أنها موضوعة إلا القليل منها ضعيف جدًا لا يصلح الاحتجاج به.

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.