شرع الإمام في الصلاة قبل دخول الوقت ودخل معه المأموم بعد دخول الوقت فهل تصح صلاته؟

 لا تصح الصلاة إلا مع تيقن دخول الوقت، أو غلبة الظن بدخوله، ولا تصح مع الشك.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/280): "إذا شك في دخول الوقت، لم يصل حتى يتيقن دخوله، أو يغلب على ظنه ذلك، مثل من هو ذو صنعة جرت عادته بعمل شيء مقدر إلى وقت الصلاة، أو قارئ جرت عادته بقراءة جزء فقرأه، وأشباه هذا، فمتى فعل ذلك، وغلب على ظنه دخول الوقت: أبيحت له الصلاة.
ويستحب تأخيرها قليلا احتياطا، لتزداد غلبة ظنه، إلا أن يخشى خروج الوقت، أو تكون صلاة العصر في وقت الغيم، فإنه يستحب التبكير بها؛ لما روى بريدة، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة، فقال: بكروا بصلاة العصر في الغيم، فإنه من فاتته صلاة العصر حبط عمله رواه البخاري"...
وإن صلى من غير دليل، مع الشك: لم تجزه صلاته، سواء أصاب أو أخطأ، لأنه صلى مع الشك في شرط الصلاة من غير دليل، فلم يصح، كما لو اشتبهت عليه القبلة فصلى من غير اجتهاد" انتهى.
وقال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/ 257): "(ومن شك في دخول الوقت لم يصل) حتى يغلب على ظنه دخوله، لأن الأصل عدم دخوله.
(فإن صلى) مع الشك: (فعليه الإعادة، وإن وافق الوقت)؛ لعدم صحة صلاته، كما لو صلى من اشتبهت عليه القبلة من غير اجتهاد.
قال ابن حمدان: من أحرم بفرض، مع ما ينافيه، لا مع ما ينافي الصلاة، عمدًا أو جهلًا أو سهوًا: فسد فرضه. ونفلُه محتَمِل وجهين انتهى.
قلت [القائل: هو البهوتي]: يأتي أنه يصح نفلًا إذا لم يكن عالمًا.
(فإن غلب على ظنه دخوله)، أي: الوقت، (بدليل، من اجتهاد، أو تقليد) عارف، (أو تقدير الزمان بقراءة، أو صنعة)، كمن جرت عادته بقراءةٍ إلى وقت الصلاة، أو بعمل شيء مقدر من صنعته إلى وقت الصلاة= (صلى)، أي: جاز له أن يصلي، (إن لم يمكنه اليقين بمشاهدة) الزوال ونحوه، (أو إخبار عن يقين)؛ لأنه أمر اجتهادي، فاكتُفيَ فيه بغلبة الظن، كغيره. ولأن الصحابة كانوا يبنون أمر الفِطْر على غلبة الظن.
(والأولى: تأخيرها قليلا، احتياطاً)، حتى يتيقن دخول الوقت، ويزول الشك. (إلا أن يخشى خروج الوقت أو تكون صلاة العصر في يوم غيم فيستحب التبكير)..." انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (2/123):
"مسألة: هل يُصلِّي مع الشَّكِّ في دخول الوقت؟
الجواب: لا يصلِّي مع الشَّكِّ، وذلك لأنَّ الأصل العدم، فلا يُعدل عن الأصل إلا بمسوِّغ شرعي.
وهل يُصلِّي مع غلبة الظنِّ بعدم دخول الوقت؟
الجواب: لا يُصلِّي من باب أَولى.
وهل يُصلِّي مع اليقين بعدم دخول الوقت؟
الجواب: لا يجوز.
إذاً؛ لا يُصلي في ثلاث صُور، ويصلِّي في صورتين، فالصُّور خمس: تيقُّنُ دخول الوقت، وغلبة الظنِّ بدخوله، فله الصَّلاة في هاتين الصُّورتين، لكن لو تيقَّن في الصّورة الثانية أنه صلَّى قبل الوقت، لزمته الإعادة، وتكون الأُولى نَفْلاً.
الصورة الثالثة والرابعة والخامسة: الشكُّ في دخوله، وغلبة الظنِّ بعدم دخوله، واليقين بعدم دخوله فلا يُصلِّي" انتهى.
والظاهر من سؤالك أنك دخلت الصلاة مع الشك في دخول الوقت، وعليه؛ فلا تصح صلاتك ويلزمك إعادتها.
وإذا صلى الإمام الفرض قبل دخول وقته، ظانا دخول الوقت، فإن صلاته تصح نفلا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والصَّلاة لا تصحُّ قبل الوقت بإجماع المسلمين، فإن صلَّى قبل الوقت، فإن كان متعمِّداً، فصلاته باطلة، ولا يسلم من الإثم.
وإن كان غير متعمِّد لظنِّه أنَّ الوقت قد دخل، فليس بآثم، وصلاته نَفْل، ولكن عليه الإعادة؛ لأنَّ من شروط الصَّلاة دخول الوقت" انتهى من "الشرح الممتع" (2/ 96).
ويستثنى من ذلك وقت الظهر، فإن النفل لا يصح أيضا ولا ينعقد؛ لأن وقت الظهر يسبقه وقت نهي لا تصح فيه النافلة؛ لما روى مسلم (1373) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: (ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ).
قال في الروض المربع، ص123: " ولا ينعقد النفل، إن ابتدأه في هذه الأوقات؛ ولو جاهلا" انتهى.
وإذا شرع الإمام في الصلاة قبل الوقت، غير عامد، وأدركه المأموم بعد الوقت متيقنا دخول الوقت، أو يغلب على ظنه دخول الوقت، وقلنا بصحة نفل الإمام؛ ففي صحة صلاة المأموم خلاف: مبني على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل. والراجح الصحة.
وعليه فالمسألة لها صورتان:
1-أن يكون ذلك في وقت الظهر، كما في صورة السؤال، أو في المغرب كذلك: فلا تصح صلاة المأموم؛ لعدم انعقاد نفل الإمام؛ لأن قبل وقت الظهر، وقبل وقت المغرب: وقت نهي عن صلاة النافلة.
2-أن يكون في غير وقت الظهر أو المغرب: فتصح صلاة المـأموم؛ لصحة صلاة المفترض خلف المتنفل، على الراجح.
 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.