تزيين الأفكار المقصودة

 من عناصر الجمال الأدبي تزيين الفكرة المقصودة بالذات بأفكار أخرى عن طريق التمهيد للفكرة المقصودة، أو استعمال الاستعارات والمجاز في سبيل تحلية الفكرة.

1/فالتمهيد يكون بعرض أفكار تمهيد للأفكار المقصودة وتجعلها مقبولة، كالتمهيد بمقولة إقناعية تتضمن ضرورة العناية بالصحة قبل التحذير من شرب الدخان.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159).
فقوله (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ) تمهيد حلو في ثناء وتكريم للتحذير ضمني من شيء غير واقع حتما، ألا وهو الفظاظة وغلظ القلب الذي جاء بصيغة (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
ثم نلاحظ أن الجملتين معا كانتا تمهيد رائعين لتوجيه التكليف بقوله تعالى: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ).
2/استعمال الاستعارات لإلباس الفكرة ثوبا من فكرة أخرى يتقبلها المخاطب أكثر من تقبله الفكرة المقصودة عارية مجردة.
فالكلام يمكن أن ندل به على المعنى بثلاث أساليب:
1-أن تفصح الكلمات عن المعنى بأسلوب مباشر، وتستعمل في الأحوال التالية:
*عند بيان الحقائق العقدية الكبرى، الخطب التي تحدد قضايا الإيمان، كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والإيمان بالقدر، فيجب فيها التصريح المباشر.
*في مواقف الدعاء لله، فالتعبير المباشر الموجز فيها يكون هو الأدب الأرفع، مثل: رب اغفر لي، ارحمني، واهدني.
2-الأسلوب الملامس القريب من المباشر، وهو الأسلوب الذي يستخدم للدلالة على المعنى بطريق التشبيه والتمثيل، أو الاستعارة أو المجاز .
فحينما نقول للولد : كن مع والديك كفرخ الطير الذي يخفض جناحيه تذللا تحت صدر أمه نلمس أن المراد به التواضع للوالدين، وإلى هذا التشبيه أشار قول الله تعالى (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ).
إن هذا الأسلوب يضفي على الكلمات حلاوة يسرع تأثيرها إلى القلوب ولهذا كثر استعماله في القرآن.
3-الأسلوب غير المباشر (الكناية): يكون فيه التعبير عن فكرة لتفهم فكرة أخرى يشير إليه المتكلم من طرف خفي.
ويستعمل هذا الأسلوب للأغراض التالية:
*عند ذكر ما يستحيا منه، كما قال تعالى (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ)، والغائط هو المكان المنخفض من الأرض، كنى به عن إتيان مكان قضاء الحاجة.
*في النقد غير المباشر فالنفس قد تستنكف عن قبول النقد المباشر.
تزيين اللام ليكون أكثر تثيرا في نفوس المستمعين.
لكن هذا الأسلوب على خلاف الأصل، بل الأصل هو الأسلوب المباشر، ومع ذلك التنويع بين هذه الأساليب يعطي الكلمات حلاوة.
 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.