حكم حجز المكان في الصف الأول والابتعاد عنه فترة طويلة

 يجوز لمن كان بالمسجد أن يضع سجادة ونحوها مكانه ، وينام في آخر المسجد ، ثم يعود إلى مكانه ، ولو كان ذلك في الصف الأول ، ما لم تُقَم الصلاة ، فإن أقيمت الصلاة ولم يحضر فلا حق له في المكان ، وترفع سجادته .

وكذلك لو خرج من المسجد لعذر ، كذهابه للوضوء ، ثم عاد فهو أحق بمكانه . وإذا انتهى عذره ثم تهاون في الرجوع وتأخر ، فلا حق له .
ودليل هذه المسألة ما رواه مسلم (2179) عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ).
قال ابن قدامة في "المغني" (2/101):
" إٍذا جلس في مكان , ثم بدت له حاجة , أو احتاج إلى الوضوء , فله الخروج . . . . فإذا قام من مجلسه , ثم رجع إليه فهو أحق به , لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ) " انتهى باختصار .
وقال في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى " (1/786) :
" والعائد قريبا من قيامه لعارضٍ لَحِقَه كتطهرٍ أحق بمكانه الذي كان سبق إليه من كل أحد . فلو جلس فيه أحد , فله إقامته . . . وقيده في "الوجيز" بما إذا عاد ولم يتشاغل بغيره " انتهى باختصار .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (5/135) : وهو يقرر تحريم حجز المكان في المسجد والخروج منه ـ قال :
" والصحيح في هذه المسألة أن الحجز والخروج من المسجد لا يجوز ، وأن للإنسان أن يرفع المصلَّى المفروش ؛ لأن القاعدة : (ما كان وضعه بغير حق فرفعه حق) ، لكن لو خيفت المفسدة برفعه من عداوة أو بغضاء ، أو ما أشبه ذلك ، فلا يُرفع ، لأن درأ المفاسد أولى من جلب المصالح ، وإذا علم الله من نيتك أنه لولا هذا المصلى المفروش لكنت في مكانه ، فإن الله قد يثيبك ثواب المتقدمين ؛ لأنك إنما تركت هذا المكان المتقدم من أجل العذر .
وقوله : "ما لم تحضر الصلاة" أي : فإن حضرت الصلاة بإقامتها فلنا رفعه ؛ لأنه في هذه الحال لا حرمة له ، ولأننا لو أبقيناه لكان في الصف فرجة ، وهذا خلاف السنة .
ويستثنى من القول الراجح من تحريم وضع المصلَّى ؛ ما إذا كان الإنسان في المسجد ، فله أن يضع مصلَّى بالصف الأول ، أو أي شيء يدل على الحجز ، ثم يذهب في أطراف المسجد لينام ، أو لأجل أن يقرأ قرآناً ، أو يراجع كتاباً ، فهنا له الحق ؛ لأنه ما زال في المسجد ، لكن إذا اتصلت الصفوف لزمه الرجوع إلى مكانه ؛ لئلا يتخطى رقاب الناس .
وكذلك يستثنى أيضاً ما ذكره المؤلف :
بقوله : "ومن قام من موضعه لعارِضٍ لَحِقَه ، ثم عاد إليه قريباً فهو أحق به" ، فإذا حجز الإنسان المكان ، وخرج من المسجد لعارض لحقه ، ثم عاد إليه فهو أحق به ، والعارض الذي يلحقه مثل أن يحتاج للوضوء ، أو أصيب بأي شيء اضطره إلى الخروج ، فإنه يخرج ، وإذا عاد فهو أحق به .
ولكن المؤلف اشترط فقال : "ثم عاد إليه قريباً" فظاهر كلام المؤلف أنه لو تأخر طويلاً فليس أحق به ، فلغيره أن يجلس فيه .
وقال بعض العلماء : بل هو أحق ، ولو عاد بعد مدة طويلة إذا كان العذر باقياً ، وهذا القول أصح ؛ لأن استمرار العذر كابتدائه ، فإنه إذا جاز أن يخرج من المسجد ، ويُبقي المصلَّى إذا حصل له عذر ، فكذلك إذا استمر به العذر ، لكن من المعلوم أنه لو أقيمت الصلاة ، ولم يزل غائباً فإنه يرفع .
قال في "الروض" : ( ولم يقيده الأكثر بالعود قريباً ) أي : أكثر أصحاب الإمام أحمد لم يقيدوه بالعود قريباً ، كما هو ظاهر الحديث .
ولكن الذي ذكرناه قول وسط ، وهو : أنه إذا عاد بعد مدة طويلة بناء على استمرار العذر فهو أحق به ، أما إن انتهى العذر ، ولكنه تهاون وتأخر ، فلا يكون أحق به ". انتهى باختصار
انتهى من "الشرح الممتع" (5/135)
ولا حرج على المعتكف وغيره لو نام في الصف الأول ، فيما بين الصلوات ، ما لم يكن في ذلك أذى أو تضييق على غيره ، فالأولى حينئذ أن يتنحى عن الصفوف الأولى
والأحسن أن يتجنب النوم في الصفوف الأولى مرعاةً للناس ، فإنهم يستهجنون هذا الفعل ، ويستقبحون.

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.