اصطحاب البنين والبنات إلى المسجد

 لا بأس أن يصطحب المسلم ابنته الصغيرة إلى المسجد في صلاة الجماعة ، على أنه ينبغي مراعاة أمور :

أن تكون صغيرة دون التمييز ودون البلوغ إذا كانت في صحبة والدها أو أخيها ، أما إذا اصطحبتها أمها أو أختها فيسقط هذا القيد .
أن لا يحصل منها تشويش على المصلين أو إيذاء لهم ، ويكون ذلك بتوجيهها بلطف .
أن يؤخذ بأسباب عدم تلويثها للمسجد ببول وغائط .
أن يتجنب والدها إلباسها الملابس الضيقة أو القصيرة ، وهذا من باب التربية على العفاف والستر ، ويشمل ذلك جميع أماكن وجودها ، ولا شك أن المسجد أولى الأمكنة باللباس الشرعي وتجنب الزينة .
والدليل على جواز إحضار البنات الصغيرات للمسجد ولو كنَّ دون سن التمييز : ما رواه أبو قتادة رضي الله عنه قال : خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ ، فَصَلَّى ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا ، وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَهَا .رواه البخاري ( 5996 ) ومسلم ( 543) .
ولكن ليُعلم أن من كانت دون التمييز – حتى من الذكور – فإنه لا يؤمن جانبهم ، ولهذا لم يكن الأصل في الشرع إحضار من كان في مثل هذا السن للمسجد لعدم استفادته من ذلك من جهة ولوقوع الإيذاء والعبث منه – غالباً – من جهة أخرى ، إنما يكون هذا على سبيل الأمر الطارئ ، إما للحاجة ، أو الشيء الذي يحدث على قلة وندرة ، أو نحو ذلك ؛ وفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع زينب لم يكن على سبيل العادة الدائمة ؛ بل جاء في رواية أن أمامة بنت زينب تعلقت بجدها صلى الله عليه وسلم عند خروجه للمسجد فحملها وجاء بها المسجد .
قال الصنعاني رحمه الله : " فِي قَوْلِهِ: كَانَ يُصَلِّي، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ لِأُمَامَةَ وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً وَاحِدَةً لَا غَيْرُ" انتهى من "سبل السلام" (1/211).
فلا ينبغي الاستدلال بالحديث على إحضار المشاغبين والمشاغبات والمؤذين والمؤذيات لبيوت الله تعالى ، فإنه لو فرض وجود مصلحة من إحضارهم فإن مفاسد ذلك أعظم من المصالح بكثير ودفع المفاسد والحالة هذه يقدَّم على جلب المصالح .
قال ابن القاسم - رحمه الله - : " سُئِل مالكٌ عن الصبيان يُؤتى بهم المساجد ؟ قال : إن كان لا يعبث لصغره ويُكفُّ إذا نُهيَ : فلا أرى بهذا بأساً .
قال : وإن كان يعبث لصغره : فلا أرى أن يُؤتى به إلى المسجد " انتهى من " المدونة " ( 1 / 106.(
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " يُصانُ المسجد عما يؤذيه ويؤذي المصلين فيه ، مِن رفع الصبيان أصواتهم فيه ، وكذلك توسيخهم لِحُصُرِه ، ونحو ذلك ، لا سيما إن كان وقت صلاة ؛ فإن ذلك من عظيم المنكرات " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 / 204) .
وقال علماء اللجنة الدائمة : " أما إذا كان الطفل غير مميز : فالأفضل ألا يحضر إلى المسجد ؛ لأنه لا يعقل الصلاة ولا معنى الجماعة ولما قد يسببه من الأذى للمصلين .
" فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية ( 5 / 263 ، 264) .
ومما ينبغي معرفته في هذا الباب أن إحضار الأنثى لبيت الله تعالى ليس كإحضار الصبي الذكر ؛ وذلك أن المسلم يحتاج أن يعلِّم ابنه الصلاة ويربيه في بيت الله تعالى ويعوده على المجيء للمسجد ، لأن صلاة الجماعة في المسجد عند بلوغه واجبة عليه ، وليس الأمر كذلك بخصوص النساء عند بلوغهن ، بل إنه الشريعة قد رغَّبتهن أن يصلين في بيوتهن ، وجعلت ذلك أفضل من صلاتهن حتى في بيت الله الحرام والمسجد النبوي ، فاختلف أمر البنات الصغيرات عن الصبيان الذكور اختلافاً بيِّناً، وليكن أمر البنات إلى الأمهات ؛ فتصلي البنت مع أمها في البيت ؛ لتعوِّدها على عدم الخروج من المنزل ، وتعلمها أن صلاتها في البيت أفضل من صلاتها في المسجد ، ولتعتاد على عدم الاختلاط بالذكور ، وهذه منافع عظيمة يجب على الأهل والمربين وطلاب العلم أن لا يغفلوها عند الحديث عن هذه المسألة .

 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.