الأضحية.. وقيمة التضحية

تظل قصة الفداء درسًا بليغًا في الالتزام بأمر الله –عز وجل-، وتنحية الهوى.. وتجاهل نداء الغريزة المُلِحّ.. وكما قيل بحق: والد.. ووالدة.. وولد.. كل يسلم قياده لأمر الله، وإلى أقصى حد التضحية.

حينما قال إبراهيم لإسماعيل ما قَصَّه تعالى علينا: ﴿يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ [الصافات: 102].

إنه حدث خطير: وأي رأي للولد في ذبح نفسه؟!!؛ ولكنه التمهيد لأمر الله.

فكان موقف الولد لا يقل إكبارًا عن موقف الوالد: ﴿يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الصافات: 102].

ولم يكن ذلك عرضًا وقبولًا فحسب؛ بل جاء وقت التنفيذ إلى نقطة الصفر -كما يقال-، والكل ماضٍ في سبيل التنفيذ: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: 103]. يا له من موقف يعجز كل بيان عن تصويره، ويئط كل قلم عن تفسيره، ويثقل كل لسان عن تعبيره. شيخ كبير، يحمل سكينًا بيده، ويتلّ ولده وضناه بالأحرى!

كيف قويت يده على حمل السكين؟!! وقويت عيناه على رؤيتها في يده؟!! وكيف طاوعته يده الأخرى على تَلِّ ولده على جبينه؟!!

إنها قوة الإيمان.. وسُنَّة الالتزام.

وها هو ذا الولد طوع يده، يتصبر لأمر الله، ويستسلم لقضاء الله: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾.

والموقف الآن: والد.. بيده السكين.

وولد.. ملقى على الجبين.

ولم يبق إلا توقف الأنفاس للحظة التنفيذ؛ ولكن رحمة الله أوسع.. والفرج من عنده أقرب: ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: 104-110].

جزاء الإحسان

لقد كانت عزمة الوالد وولده معًا.. كانت عزمة تتضاءل دون عليّ مكانها الآفاق.. والأفلاك.. وكانت هِمَّة وصلت من القوة حدًا ليس وراءه وراء.. إنها قِمَّة الإحسان.. يصل إليها الخليل وولده، فكان جزاؤهما من جنس عملهما، فقد ذكر فداءه بما جعله سُنَّة باقية، يذكر بها الذكر الجميل، على مر الأيام، وتعاقب السنين، وكان ذلك: ﴿بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾.. بكبش من الجنة.. عظيم.. عظيم في الجنة، والقدر، والرُّتْبَة، وسمين؛ لأنه مقبول، ومستن به.. ومجعول دِينًا إلى آخر الدهر: ﴿فِي الْآخِرِينَ﴾ عصيٌّ على النسيان.

ثم جاء الفرج

أجل.. وافى الفرج.. بعد الشدة.. وظفر الوالد بالأمل.. بعد اليأس.. بعد المحنة البينة الصعوبة.. فلا محنة أصعب منها..

إنقاذ البشرية

وكان هذا الذبح العظيم إنقاذًا للبشرية كلها بعد ذلك.. يقول ابن عباس –رضي الله عنهما-: "لو تمَّت تلك الذبيحة لكانت سُنَّة، وذبح النَّاس أبناءهم".

من حكم الأضحية

وإذن.. فقد كانت الأضحية سُنَّة يشكر البشر بها نجاتهم من الموت في شخص إسماعيل –عليه السلام-، فكانت سُنَّة باقية.. نجدد بها أثمن اللحظات بركة في عمر الإنسان.

وإذا كان صلى الله عليه وسلم مأمورًا باتباع إبراهيم –عليه السلام-: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: 123]، فهو مأمور باتباعه، ونحن معه.. وفي سُنَّة الذبح: سُنَّة الفداء.. والنجاة من البلاء المبين.

الخطوة الأولى

روى مسلم من حديث أم سلمة –رضي الله عنها-: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ»، لا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي.

والحكمة في ذلك: تشبهًا بالمحرم.. وليدخل بهذا التشبه جو الإحرام من أول يوم.. ثم هو إبقاء على كل أجزاء الجسم.. رجاء أن يعتق الجسم كله من النار.

وهكذا.. إذا قعدت بالنَّاس أقدارهم.. فلم يكونوا هناك في حمى البيت العتيق.. فليكونوا هناك بقلوبهم؛ ليتحقق معنى الوحدة الإسلامية على أوفى معانيه.

من خصائص الأضحية

من شروط الأضحية بصفة عامة: سلامتها من كل عيب ينقص اللحم، وتتضاءل فيه قيمة الجمال. وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِي: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنِ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلَعُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تَنْقَى»( ).

والمقصود بالتي لا تنقى هو: التي لا مُخَّ لها؛ لضعفها وهزالها، أي: لا شحم لها.

فالعوراء الواضحة العور.. يذهب الجمال بذهاب عينها. ثم هي لا ترعى إلا في مساحة محدودة من جهة عينها الباصرة فقط. ومن ثم.. تُصاب بالهزال لو بقيت. وكذلك العرجاء.. التي يسبقها القطيع إلى الكلأ، البكر، الطيب، ولا يبقى لها إلا النفاية، التي لا تنشئ لحمًا، ولا تكسو عظمًا. ومثلها المريضة التي يحرمها مرضها من العشب الطيب، وقد تعطش، فلا تقدر على طلب الري.

وقد ضحى صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين.. ذبحهما بيده الكريمة.. سَمَّى وكَبَّر.. ووضع رجله المُشَرَّفة على "صفحاتهما"، أي: على صفحة العنق، أي: جانبه؛ ليكون ذلك أثبت له، ثباتًا يتمكن به من الذبيحة؛ حتى لا تضطرب.. فتمنعه من إكمال الذبح.. وما يترتب على ذلك من: تعذيبها، ثم إيذائه هو، ثم فشل المهمة.

قال عليٌّ –رضي الله عنه-: "إذا اشتريت أضحية.. فاستسمن، فإن أكلت أكلت طيبًا.. وإن أطْعَمت أطْعَمت طيبًا.."( ).

ومُضيًّا مع هذا الاتجاه.. كان الصحابي يفضل أن يضحي بالجذع( ).. من الضأن.. ولا يضحي بالمعز المسِنّ. إنه لا يكفي أن يكون اللحم وافرًا.. فلا بد مع ذلك من أن يكون طيبًا، أعني: ناضجًا.. سهل الهضم.. جميل المذاق..

نوع الأضحية

الإبل.. والبقر.. والمعز.. فلا تجوز الظباء مثلًا. ثم لماذا الإبل، والبقر، والمعز؟!

لأنها أطيب لحمًا.. وأوفر لحمًا.. وما يترتب على ذلك من التوسعة على عدد أكبر من الفقراء. هذا ما تؤكده السُّنَّة المطهرة، فيستحب في الأضحية أن تكون أسمن ما عندك، وأحسنه، وأعظمه؛ لأنها مطيتك إلى الآخرة.. وكلما اقتربت من الكمال.. بلغت المنزل..

وكان صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة في هذا الباب: قالت عائشة –رضي الله عنها-: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشٍ أقرن.. فحيل" وهو الذكر القوي( ).

ولا تضر العيوب التي لا تؤثر في اللحم كمًّا وكيفًا، ككسر القرن مثلًا.

وعند البعض: لا تجزئ النجراء: "نتنة رائحة الفم"، ولا المجنونة؛ لأنها تدور في المرعى ولا ترعى إلا قليلًا.. فتهزل.. فتمرض.. والمرض مفسد للحم.. والأطيب لحمًا أفضل. والأطيب عند الشافعية: الذكر.. والأملح –الأبيض-، والأقرن.. أفضل من غيرهما.

من الذبح.. إلى النحر

حاول المغرضون اتهام الإسلام بأن طريقة الذبح في منهجه.. لا رحمة فيها بالحيوان؛ مع أن الأمر عكس ذلك تمامًا.. فالذبح أو النحر كلاهما شارة دالة على حضارة الإسلام الذي اتسع معنى الرحمة فيه حتى تجاوز الإنسان إلى مملكة الحيوان.

فالذبح هو: قطع الحلقوم.. والمرئ.. والوَدْجين..

والنحر هو: طعن الإبل في لبتها "موضع القلادة من العنق"، وهو الموضع الذي تصل منه آلة الذبح إلى القلب مباشرة.. فيموت الحيوان بسرعة.. ولا يتعذب.. إلى جانب خروج الدم كله.. حماية للآكلين من أضرار ما يبقى منه في الذبيحة!.

وفي الذبح تطرح الشاة على جنبها الأيسر..مُسْتَقْبِلة القبلة. وقد نحر صلى الله عليه وسلم الإبل قائمة، معقولَة اليد اليُسرى( ).

ويعني ذلك: أن الاقتصار على تقييد يدها اليسرى فقط.. يتيح للذبيحة فرصة الحركة؛ حتى يخرج الدم كله.

ولقد صار هذا جزءًا من منهج الإسلام: يقول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.. فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»( ).

والمقصود براحة الذبيحة: إحداد السكين؛ لكتون أسرع وأقطع. ثم تعجيل إمرارها؛ تفاديًا لتعذيبها. ولا يُحد السِّكين بحضرة الذبيحة. ولا يذبح واحدة بحضرة أخرى.. ولا يجرها إلى مذبحها جرًّا.. وليقدها إلى الذبح قودًا جميلًا..

وقد ورد: « إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجْهِزْ». أي: ليسرع ذبحها ويُتِمَّه. وفي رواية: «... وَلَا يَقْطَع رَأْسَهَا، وَيَرْمَي بِهَا»( ).

وبعد الذبح: يستحب التربص بعد الذبح قدر ما يبرد ويسكن من جميع أعضائه. وتزول الحياة عن جميع جسده. ويُكْرَه أن يُسْلَخ قبل أن تبرد وتسكن.

الرسول يتابع ويحاسب

روي أن جزَّارًا فتح بابًا على شاة ليذبحها، فانفلتت منه؛ حتى جاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فاتَّبعها، فأخذها يَسْحَبُهَا من رجلها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «اصْبِرِي لِأَمْرِ اللَّهِ، وَأَنْتَ يَا جَزَّارُ.. فَسُقْهَا إِلَى الْمَوْتٍ سَوْقًا رَفِيقًا»( ).

وتأمل: كيف كان للشاة شخصية اعتبارية تنال حظها من شرف خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لها؛ لتدرك إلى أي حد يكون اعتبار الإسلام الذي هو بناء الله تعالى في أرضه.. ويا ويل من يُعَرِّض بنيانه للخطر.

والتعبير النبوي هنا يؤثر لفظ الموت على "الذبح": «ويلك.. قدها إلى الموت قودًا جميلًا».

إن لفظ "الذبح" لا يعطي معنى الفناء الذي يعطيه لفظ "الموت"؛ لأنها بعد الذبح باقية ينتفع بها. والمغزى: حتى ولو كنت تقودها إلى الفناء؛ فإن ذلك لا يسقط حقها في الرحمة.

متى يكون الذبح

والأفضل الذبح في النَّهار.. ويجوز في الليل مع الكراهة( )؛ لأن الليل تتعذر فيه التفرقة بين اللحم الطازج الطري وغيره، ومن ثم يفوت بعض المقصود من الأضحية.

ثم إن الأضحية شعيرة هي جزء من فرحة العيد.. وإذن فأولى أن تكون في وضح النهار.. لا في سجوة الليل.. ابتهاجًا بها.. وإشاعة للسرور..

ومبالغة في إشاعة السرور قرَّر العلماء أنه: يستحب ربطها قبل النحر بأيام؛ لما في ذلك من الاستعداد، والتباهي بالرغبة فيها، كما أن من السُّنَّة أن يقلدها؛ لأن ذلك شارة تعظيمها.

قيمة التضحية

وتبدو لك قيمة التضحية من خلال هذه الآداب: فالقادر مكلف أن يختار أضحيته.. لا كيفما اتفق.. وإنما عليه أن يتخيرها.. لتكون في النهاية صفوة الصفوة.. مما يدل على عمق إيمان المضحي.. الذي لا يسحبها من "عتبة السوق"؛ وإنما يدخل في عمقه ليختار اختيارًا مكلفًا.

إنه اختيار يستهدف: الجميلة.. بهجة للعين. الوافرة اللحم.. توسعة على الفقراء. الطيبة اللحم.. متعة للآكلين.

أما غير القادر؛ فإن الإسلام يسامحه.. شريطة ألا يكون راغبًا عنها.. زاهدًا فيها.. وإنما هو على ما قيل: "العين بصيرة.. واليد قصيرة". وفي قلبه شوق: فيا ليته كان مع المضحين فيفوز فوزًا عظيمًا.

التزامهم بالقرآن

كان الصحابة –رضوان الله عليهم- يلزمون أنفسهم بأدب القرآن عند الذبح: فالله –عز وجل- يقول: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ [الحج: 36]. وكان ابن عمر –رضي الله عنهما- يقول عند الذبح: "باسم الله.. الله أكبر.."، يقول ذلك تنفيذًا لما جاء في الآية الكريمة: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [الحج: 36]، ثم قال سبحانه: ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)﴾ [الحج: 36، 37].

فكانوا يذكرون.. ويكبرون..

الأضحية.. وبشائر النصر

إن في الأضحية.. وما ضَمَّتْ عليه من قيمة التضحية ما يبشرنا بنصرنا على عدونا.. بني إسرائيل.. فإن قيمة التضحية المغروسة في ضمير أمتنا، لهي سلاح النصر الذي هو آت لا ريب فيه.. وفي نفس الوقت؛ فهي نذير هزيمة عدونا الذي أفرغ من هذه القيمة كما تحدثت آيات سورة المائدة في قول الله –عز وجل-: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20) يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)﴾ [المائدة: 20-24].

وتأمل من معاني الآيات:

1- التذكير بنعمتي الدنيا والآخرة، وهي: الملك، والنبوة. بعد أن كانوا "صعاليك حيارى".

2- تكليفهم بدفع زكاة يملكون نصابها، هي هذا الملك العريض.

3- فقدان قيمة التضحية.. بنكوصهم على أعقابهم؛ حتى يخرج الجبارون منها، ثم تأتيهم غنيمة باردة.

4- يؤثرون ذلك مع وجود ما يشجعهم على الدخول:

أ) فهي الأرض المقدسة.

ب) وقد كتبها الله لهم، وضمن لهم النصر.

جـ) ثم إبراز ما ينفرهم من الهروب.

5- ورغم تشجيع رجلين منهم لهم فقد أضافوا إلى الجبن سوء الأدب في قولهم: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا﴾.

ويبقى بعد ذلك.. أن يستيقن الذين تسلحوا بقيمة التضحية.. أن المستقبل لهم –بإذن الله-، وأن النصر قد يتأخر قليلًا أو طويلًا؛ ولكنه آتٍ لا ريب فيه.. وعندما ندفع ثمنه الغالي.. وإنَّا لدافعون.

أما بعد: فقد يلح الإعلام المعادي.. ليكسر في أمتنا إرادتها.. وقد يلوح بما يملك من عدة وعتاد.. في محاولة لضرب الروح المعنوية في قلوبنا؛ ولكن هيهات؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: 143].

فالله –سبحانه وتعالى- يمتن على هذه الأمة المؤمنة بأن جعلهم واسطة العقد بين البشر.

ونحن اليوم.. مطالبون بشكر الله تعالى على نعمة القيادة والريادة؛ لنظل دائمًا طليعة الركب الميمون.

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.